كمال بير شهيد الحرية _ مركز البحوث والعلوم الأجتماعية
كمال بير شهيد الحرية
Şehîdê azadiyê Kemal Pîr
شهدت السجون التركية عام 1982 مقاومةً تاريخية قادها حزب العمال الكردستاني ضدّ السياسات القمعية للدولة التركية الفاشية وهجمات الإبادة التي تشنّها ضد كافة الشعوب التي تعيش على تلك الجغرافية بشكل عام والكرد بشكل خاص ، وأرشدت هذه المقاومة إلى طريق النضال ونهجه، ومن هذه المقاومات عملية “صيام الموت العظيم” في 14 تموز.حيث أعلن عدد من قيادي وكوادر حزب العمال الكردستاني عن مقاومتهم هذه في محكمة لدولة الاحتلال التركي في الـ 14 من تموز عام 1982، عندما قال محمد خيري دورموش وهو أحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني، في قاعة المحكمة إنّهم يبدؤون صيام الموت ضدّ جميع أشكال التعذيب والقمع والممارسات السيئة، ليعلن عدد من رفاقه بعد ذلك عن انضمامهم إلى مقاومته، بينهم كمال بير عاكف يلماز ،علي جيجك،تعزّزت المقاومة وتعاظمت بمشاركة العديد من معتقلي الحرية، بالرغم من كلّ الهجمات وعمليات التعذيب والحرب الخاصة التي كانت تقوم بها الدولة التركيّة الفاشية، الساعية إلى القضاء على هذه المقاومة وإنهائها مهما كلّفها الأمر ولكن دون جدوى، واستشهد روّاد المقاومة حيث أستشهد كمال بير في الـ 7 من أيلول 1982، محمد خيري دورموش في الـ 12 من أيلول، عاكف يلماز في الـ 15 وعلي جيجك في الـ 17 من أيلول وتردد صدى مقاومة صيام الموت العظيم في السجون وكردستان والعالم بشكلٍ واسع، وأيقظ الشعب الكردي وفتح صفحةً جديدة للنضال في سبيل الحرية، وأصبحت سمات الشهداء الطليعيين الأربعة تمثّل الطريق الحقيقي والنهج الصحيح للنضال الذي وصل اليوم إلى ملايين الأشخاص هكذا كتب سجن آمد تاريخ لا ينسى في قلوب شعوب تنبض من اجل الحرية بأرواح شهداء طاهرة الذين كتبوا أسماءهم بصفحات تاريخ مقاومة الشعوب، ومنهم كمال بير .
وُلد كمال بير في عام 1952 وترعرع في كنف عائلةٍ فقيرة في قرية كوزلولوكي التابعة لناحية تورول في مدينة غوموش خانة التركية، ودرس المرحلتين الابتدائية والإعدادية في منطقته والمرحلة الثانوية في مدينة أوردو التركية، وقد تزامنت مرحلة دراسته الثانوية مع موجة ثورة 1968 التي امتدّت إلى جميع أنحاء العالم، وتعرّف كمال بير على حقّي قرار، أحد قيادي حزب العمال الكردستاني في أوردو، لتستمرّ صداقتهما خلال دراستهما للمرحلة الجامعية في أنقرة.
التعرّف على القائد عبد الله أوجلان:
سكن كمال بير مع حقي قرار في المنزل ذاته، وسجّل في كلية اللغة والتاريخ والجغرافية في جامعة أنقرة عام 1970، وخلال تلك السنوات، حظيت الأفكار الماركسية واللينينية بتركيزه وانتباهه، وبالتزامن مع ذلك كانت حركة تحرر كردستان تنظّم بقيادة القائد عبد الله أوجلان، وتعرّف كمال بير وحقي قرار إلى القائد أوجلان في المنزل الذي كانا يسكنانه، ليقرّر كمال بير الانضمام إلى المجموعة بعد حديث دار بينه وبين القائد عبد الله أوجلان
وصف كمال بير من قبل القائد:
يقول القائد عبد الله أوجلان في وصف كمال بير قائلاً: ” بالفعل إن كمال بير كان ثورياً قوياً مؤهلاً ليكون الساعد الأيمن لقيادة الحركة، ليته كان على قيد الحياة، لقمنا بترك كافة الأعمال العملية الكادرية على عاتقه! كان أكثر من أشعرنا بفقداننا له. كان رفيقاً ذكياً وصادقاً وحذر الرفاق في وصيته وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، بأن يتيقظوا ويحموا القيادة في مواضيع كثيرة.
كما قال القائد عبد الله أوجلان عن كمال بير “يفعل ما يفكّر فيه ويفكّر بما يريد أن يفعل”، لذا يُعرف ضمن صفوف النضال في سبيل الحرية كرمز لتطابق الفكر والعمل، فيما يُعرف أسلوبه بأسلوب الانتصار والحريّة
مسيرة كمال بير عاشق الحرية من البحر الأسود نحو كردستان:
قرّر أفراد من حركة تحرير كردستان خلال السبعينيات العودة من أنقرة إلى كردستان، فتصرّف كمال بير بروح أممية، وقاد العمل التنظيمي في ديرسم، وديلوك، وحلوان، وسيورك وآمد، وترك طابعاً إيجابياً لدى كلّ من التقى بهم خلال عمله هذا وأثّر فيهم، وتحدّث كمال بير لرفاقه في المجموعة عن تلك السنوات قائلاً: “كنّا نحاول إقناع الناس، سواء استغرق ذلك 3 ساعات أو حتّى تطلّب 300 ساعة”
كمال بير شخصية مشهورة بصفاته مؤمنة ومحبة للشعوب الأخرى حيث بعد تعرفه على القائد ناضل بكل جهده وحبه للحياة من اجل اخوة الشعوب لأنه كان على معرفة بحرية الشعب التركي التي لا تأتي الا من بوابة حرية الشعب الكردي وبانه سينتصر من خلال قيام امة ديمقراطية حيث قال: ” أنني أرى بأن خلاص الشعب التركي سيتحقق عبر نضال الشعب الكردي التحرري. حملة الحرب هذه هي الجواب العتيد ” انتهى عصركم الاستبدادي القائم على فرض الظلم على الشعب بلا حدود، وجاء الوقت لنحيا حياة حرة” لإجل هذا جاهد وسار على هذا طريق رغم صعوباته بفهم للغة الكردية ولكن فهم حقيقة القيادة بحركاته ومبادئه الثورية، حيث دخل بقلوب جميع الأهالي الذين زارهم وأثر عليهم عندما كانوا يعرفون بأصوله التي تنحدر من القومية التركية والذي يولد عندهم الرغبة بالدفاع عن حقوقهم معرفة مبادئ الحركة، ويسيرون على هذا الطريق المبني على أساس حرية شعوب الشرق الأوسط وينضمون على طريق حقيقة.
السفر إلى خارج الوطن والعودة إلى كردستان
بعد توجّه القائد عبد الله أوجلان إلى منطقة الشرق الأوسط عام 1979، لتدريب كوادر حزب العمال الكردستاني، توجّه كمال بير إلى مخيمات فلسطين ولبنان، وانضمّ إلى التدريبات السياسية والعسكرية للمقاتلين، ثمّ عاد إلى كردستان مجدّداً للتحضير للكفاح المسلّح، إلّا أنه اعتُقل على الطريق الواصل بين إيله وساسون عام 1980 إثر كمينٍ نصبه له الجيش التركي ونُقل إلى سجن آمد (ديار بكر)
كمال بير والمقاومة التاريخية:
تزامن اعتقال كمال بير مع استيلاء الجيش على السلطة في تركيا، وارتكابه لمجازر عديدة واعتقاله لعشرات الآلاف من الأشخاص، وبلوغ التعذيب والوحشية في السجون ذروتها، وقد كان حزب العمال الكردستاني أقوى الأحزاب تنظيماً وأكثرهم كفاحاً خلال تلك الفترة، لذا ألقت الدولة الفاشية القبض على آلاف الكوادر، المقاتلين والمتعاطفين أو الموالين لحزب العمال الكردستاني، وسعت إلى كسر إرادتهم في السجون، واحتجاجاً على هذه الوحشية، بدأ كمال بير، ومحمد خيري دورموش، وعاكف يلماز وعلي جيجك عام 1982، صيام الموت العظيم، وبعد إعلان خيري دورموش عن هذه المقاومة في قاعة المحكمة، استخدم كمال بير أيضاً حقّه في الحديث وقال: “أنا أيضاً أبدأ صيام الموت، وكما قال الرفيق علي جيجك؛ علّمنا حزب العمال الكردستاني المقاومة وليس الاستسلام”
استشهاد كمال بير:
قال مسؤولو الفاشية التركية لكمال بير في اليوم الخمسين من المقاومة: “تخلَّ عن صيام الموت هذا يا كمال، انظرْ لقد فقدتَ بصرك، وستصاب لاحقاً بالشلل، ثم بعد ذلك ستموت، لا شيء يستحقّ أن يموت المرء من أجله، فعلى المرء أن يعيش بالرغم من كل شيء”. فردّ كمال بير على الفاشيين بكلمات سُطّرت على صفحات التاريخ وحدّدت أسلوب النضال ونهجه وقال: “إنّنا نعشق الحياة لدرجة أن نضحّي بأرواحنا في سبيلها” وأثر صيام الموت أستشهد كمال بير في سجن آمد “دياربكر” 7 أيلول/سبتمبر 1982.
الاستمرار في المقاومة على طريق الشهيد طريق كمال بير
السير على نهج الشهيد كمال بير هو مشي نحو طريق الحقيقة وهو الطريق الصحيح والصائب هو أن يجهد كل من في الداخل والخارج لتبني ومتابعة نهج وميراث الرفيق الشهيد كمال بير. هذه هي حقيقة 14 تموز كخميرة الثورة الكردستانية ذات الخصوصية الثورية المشبعة بالقيم الديمقراطية والمجتمعية، الداعية إلى الحرية، والعدالة والسلام في المنطقة والعالم. وحقيقة PKK التي تستند على أسس متينة وعلى ميراث الشهداء أمثال الرفيق حقي قرار، مظلوم دوغان، عكيد، زيلان، ساكنة جانسيز، بيريتان، آرين ميركان، هفرين خلف. والآلاف من الشهداء الخالدين الذين سطروا صفحات التاريخ بالمقاومة التي أبدوها والتي غدة شعلة وطريق لكل فئات الشعب الذين يسعون للنضال من أجل الوصول لتحقيق الحرية للقائد والشعب الكردي ولكافة الشعوب في العالم أجمع.