الشهيدة بيريتان _ إيمان محمد
الشهيدة بيريتان
(الشهيدة بيريتان هي كلمة الحق في وجه الخيانة).
الشهيدة بيريتان، اسمها الحقيقي” كلناز قره تاش” ولدت عام 1971 في قرية سولهان التابعة لجولك وهي بأصلها من ديرسم في باكور كردستان، كانت طالبة في كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية, وعرفت بحبها للمطالعة وقوة شخصيتها وذكائها الحاد وروحها الحيوية المفعمة بالنشاط, كما وكانت متفانية في عملها.
التحقت المناضلة بيريتان بصفوف الحركة الكردستانية مع مجموعة من الشبان والشابات عام 1991 فكانت ذات شخصية قوية وإرادةً لا تلين حيث تمتاز بقدرتها القيادية.
بيريتان كانت من أوائل النساء اللاتي استطعن النضال بفكر المرأة الحرة ضد الذهنية الذكورية السلطوية، والعبودية، فكانت لها بصمة في هذا الشأن لتساهم في توعية المرأة على أساس الفكر الحر.
قيل عنها أنها كانت تزيل الخوف من قلوب رفاقها ورفيقاتها وتزرع فيهم روح المقاومة والنضال، لتصبح مثلاً تقتدي به النساء بسبب تأقلمها مع الظروف العصيبة بإرادتها القوية التي لا تعرف المستحيل.
هزت الأرض بشموخها وكبريائها وهي تفتخر بسلاحها:
ناقشت بيريتان حول إرسال بعض من أفراد مجموعتها لتلقي دورات تدريبيه، حينها صرحت المناضلة بريتان برأيها لإرسال الرفاق لتلقي التدريب في أكاديمية “القيادة “التي كانت تتواجد في دمشق (عاصمة سوريا)، لأنه كان وفق منظورها وجوب إثبات الذات في الساحة العملية، حيث أشارت بقولها:” عليّ إثبات نفسي في ساحة الحرب ومن دون ذلك لا يمكنني النطق بكلمة واحدة في مواجهة القيادة”
فقد كانت متميزة بحماسها واندفاعها في الحياة مما يجعلها ملفتة لنظر الجميع آنذاك، فقد كانت شخصية مختلفة عن المقاتلات الجدد من حيث رغبتها الكبيرة في ارتداء الزي العسكري والتطور من الناحية العسكرية.
أصبحت قيادية خلال أشهر قليلة
أصبحت المناضلة بيريتان والتي لم يبلغ على انضمامها سوى سبع أشهر قيادية لمجموعة قتالية، تميزت بالتوافق مع الرفاق والرفيقات الملتحقات من كافة المكونات وأجزاء كردستان، لتغدو بذلك مثلاً تقتدي بها في الحياة, كما أنها أشرفت آنذاك على تدريب مجموعة من المقاتلين والمقاتلات.
في عام 1992 ونتيجة للاتفاقية التي تمت بين الدولة التركية وإيران والحزب الديمقراطي الكردستاني، بهدف القضاء على حركة التحرر الكردستانية، أصرت بيريتان على مشاركتها في هذه الحرب، ولتكون من بين المقاتلات اللواتي قاومن ودافعنا من أجل كسر شوكة العدو والخونة المتعاونين معهم ضد إرادة كردستان.
صرخة الشهيدة بيريتان “لا للخيانة”
أثناء اشتداد الاشتباكات بين قوات الكريلا وقوات PDKحوصرت كتيبة الشهيدة بريتان إلا أن مقاومتهم استمرت حتى نفاد الذخيرة ورغم كل ذلك أبت الاستسلام والخضوع للعدو، لتثبت خيانة PDKالتي مورست ضدها ،ولتثبت شجاعة المرأة الحرة، فألقت بنفسها من أعلى جبل خاكورك لتصرخ بأعلى صوتها صرخة “لا للخيانة”.وبهذه الصرخة أرسلت الشهيدة بريتان بعمليتها رسالة لنساء العالم أجمع بأن الإرادة وحدها ستحقق النصر فكانت شهيدة الحرية في” يوم 25 تشرين الاول /أكتوبرمن عام 1992 “بعد مسيرة نضالية حققت فيها البطولات ليكون نهجها نهج المرأة الحرة التي لم تقبل الذل والخنوع والاستسلام.
الشهيدة بيريتان أيقونة الحرية:
أضحت الشهيدة بيريتان بمقاومتها في مرحلة النضال أيقونة للنصر والحرية وجسدت في شخصيتها حقيقة تاريخ المرأة الكردستانية، وأبدعت فلسفة لا للاستسلام، ووجوب المقاومة ضد الخيانة، وأثبتت قدرة المرأة في القيام بدورها التاريخي ضد كل ذهنية تهدف إلى إنكار المرأة.
المناضلة بيريتان “كلناز قره تاش” تركت ميراثاً نفيساً تشهد عليه صفحات التاريخ بكل فخر واعتزاز، وباستشهادها رسمت مفهوم المرأة الحرة التي ناضلت في سبيل الحرية ورفضت الاستسلام والخنوع، وأصبحت رمزاً للمرأة الحرة في منطقة الشرق الوسط.
الشعب الكردي الذي قاوم وناضل في وجه الأنظمة التي سلبته حريته منذ القدم، برز من ضمنه العديد من القياديات اللواتي قُدْنَ الثورات، وسجلن ملاحم بطولية، وضحين بأرواحهن فداءً للحرية، ومن هؤلاء المقاتلات المناضلة في تاريخ حركة التحرر الكردستاني ” ساكنة جانسيز، آرين ميركان، فيدان دوغان، ليلى شايلامز، وبيريتان هيفي ” التي ألقت بنفسها من قمم الجبال كي لا تقع أسيرة بيد قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK, وكشفت آخر جملة نطقتها قبل استشهادها “لتسقط الخيانة” خيانة الـ PDK للشعب الكردي والمرأة بشكل خاص.
ولذلك نقف بكل إجلاً وأحترام للقائد آبو الذي أستطاع بفكره كسر قيود استعباد المرأة وفتح الطريق أمامها للتخلص من العبودية.
الشهيدة بيريتان بمقاومتها مثالاً لنهج المرأة الحرة
عندما جرحت المناضلة بيريتان أجابت على إحدى الرفيقات عندما سألتها إذا كانت جريحة في خدها فأجابتها ” لقد أصبحت أنا الأخرى جميلة مثلكن لأني جرحت، فهذا هو رمز الحرب، لأن المرء الذي لا يحارب لن ينال المحبة من المحيط فهذه هي حقيقتنا نحن الأكراد”
بيريتان كانت في المقدمة وحاربت حتى الرمق الأخير، إلا أن نفاذ الذخيرة والسلاح حال إلى أن يحاصرها بيشمركة الطالباني والبرزاني، حين كانت برفقة مجموعتها، أمرتهم بالخروج من الحصار وبقيت لتحمي المجموعة بنيران سلاحها.
حيث ناداها كبير البيشمركة المتواجد في الحملة العسكرية كي تستسلم ، فكسرت سلاحها كي لا تغنمه القوى الخائنة، ورفعت يديها ونادت بأعلى صوتها بالحرية، ولتسقط الخيانة، ومن ثم ألقت بنفسها من أعلى الصخرة، وأصبح استشهادها بداية مرحلة جديدة ضمن حركة التحرر الكردستانية بالنسبة للمقاتلات الكرديات.
الرفيقة بيريتان بمقاومتها هذه أصبحت مثالاً لنهج المرأة الحرة، والركيزة الأساسية لتجيش المرأة فوق ذرى جبال كردستان الشامخة.
بهذه المقاومة مهدت الشهيدة بيريتان أرضية قوية لتأسيس أول جيش للمرأة الحرة، متحديةً بذلك العوائق الاجتماعية والثقافية التي صنعتها الذهنية السلطوية الذكورية، لتكريس عبودية المرأة الذي يكرس معها عبودية المجتمع, وبالتالي أثبتت قدرة المرأة في العمل التنظيمي والسياسي والعسكري للقيام بدورها التاريخي ضد كل ذهنية تهدف الى إنكار واستضعاف قوة المرأة, ووفاءً لمسيرة الشهيدة بيريتان بعمليتها ضد الخيانة والاستسلام، تأسست في روج آفا وحدات حماية المرأة وأثبتت مقاتلات وحدات حماية المرأة أنهن قدوة لنساء العالم بمقاومتهن على كامل مساحة روج آفا وشمال شرق سوريا.