صناعة الطاغية _ حسام الأحمد
صناعة الطاغية
لطالما كان الطاغية رمزًا للظلم والاستبداد في كل العصور، ولقد عرفت البشرية العديد من الطغاة الذين سعوا لتحقيق سلطتهم الشخصية وتحكموا في الشعوب. يمكن أن يكون الطاغية حاكمًا أو زعيمًا سياسيًا أو عسكريًا. يستخدم الطغاة العديد من الوسائل لتحقيق أهدافهم، بما في ذلك التلاعب بالانتخابات، والقمع السياسي، والتعسف في استخدام القوة، والتضليل الإعلامي.
وتأثير الطغاة على المجتمعات يكون مدمرًا، حيث يؤدي استبدادهم إلى قمع الحريات الأساسية وانتهاك حقوق الإنسان، يعاني الناس تحت حكم الطغاة من قمع الحريات السياسية والتعبير والتجمع. كما يؤدي استبداد الطغاة إلى تدهور الاقتصاد وتفشي الفساد وسوء إدارة الموارد، كونه شخص يحكم المجتمع دون أن يحترم سيادة القانون أو حقوق الإنسان. والطاغية هو خطر على المجتمع حيث يستخدم العنف والقمع لتحقيق أهدافه، ولا يتوانى عن ارتكاب أي جريمة لتحقيق الاستقرار في حكمه.
ماذا قيل بحق الطغاة؟:
لقد قيل الكثير من الاقوال التي خلدها التاريخ بحق الطغاة، وأبرزها:
“الطغاة لا يولدون، بل يصنعون” إريك فروم
“الطغيان هو أسوأ شكل من أشكال الحكم، لأنه يقضي على الحرية وينشر الظلم” القائد عبد الله اوجلان.
“النضال ضد الطغيان هو واجب مقدس، وهو السبيل الوحيد لتحقيق الحرية والعدالة” القائد عبد الله أوجلان.
“الطاغية هو ذلك الشخص الذي لا يملك أي شيء سوى القوة، والذي لا يستند إلى أي شيء سوى خوفه”ميكيافيللي.
“الطغيان هو أسوأ شكل من أشكال الحكم، لأنه يحرم الناس من حريتهم وكرامتهم” جون لوك.
“الطغاة هم أعداء الشعوب، وهم يستحقون كل الاحتقار” فولتير.
“الطاغية هو أكثر الرجال ضعفًا وأكثرهم جبنًا” جول يوس كيسار.
“الطغاة يبنون الجدران، ولكن الجدران لا يمكنها الوقوف إلى الأبد” نيلسون مانديلا.
“الطغاة يعتقدون أنهم أقوى من الشعوب، لكن الشعوب هي التي تستطيع إزاحة الطغاة عن السلطة “دالاي لاما.
“الطغاة يعتقدون أنهم يمتلكون العالم، لكن الحقيقة أنهم لا يملكون شيئًا سوى الظلم والقمع “مالكوم إكس.
فالطاغية: هو شخص يحكم البلاد بطريقة مستبدة، ولا يحترم سيادة القانون أو حقوق الإنسان. يسعى الطاغية إلى تحقيق مصلحته الشخصية على حساب مصلحة شعبه، يستخدم العنف والقمع لتحقيق أهدافه، ولا يتورع عن ارتكاب أي جريمة لتحقيق الاستقرار في حكمه. ويعرف الطاغية بأنه شخص يسعى للسيطرة الكاملة والاستبدادية على الناس والموارد والمؤسسات، يستخدم الطغاة القوة والقمع لضمان استمرار سلطتهم وتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب حقوق الأفراد وحرياتهم.
خصائص الطاغية:
يتميز الطاغية بخصائص عديدة، أبرزها:
1-الرغبة في السيطرة المطلقة: يسعى الطاغية إلى السيطرة المطلقة على البلاد وشعبها حيث لا يسمح لأحد بالمعارضة أو الاختلاف معه.
2-الاعتماد على العنف والقمع: يستخدم الطاغية العنف والقمع لتحقيق أهدافه ويلاحق المعارضين ويعذبهم، ويفرض الرقابة على وسائل الإعلام.
الطاغية بين النشأة والبداية:
تختلف طفولة ونشأة كل طاغية عن الآخر ومع ذلك، هناك العوامل المشتركة التي ساهمت في تكوين شخصية الطغاة وكان لها أثر كبير في تحديد مدى وحشيته، ولعلى أبرز تلك العوامل هي:
1-التعرض للعنف أو الإهمال في مرحلة الطفولة: فقد تؤدي التجارب المؤلمة في مرحلة الطفولة إلى تطوير مشاعر الغضب والكراهية، والتي يمكن أن تؤدي بدورها إلى سلوكيات عنيفة أو استبدادية.
2-التنشئة في بيئة سياسية أو اجتماعية استبدادية: فقد يتعلم الأطفال الذين ينشأون في بيئات استبدادية أن العنف والسيطرة هي الطريقة الوحيدة للحصول على ما يريدون.
3-وجود اضطرابات نفسية أو عصبية: فقد تساهم بعض الاضطرابات النفسية أو العصبية، مثل اضطراب الشخصية النرجسية أو اضطراب الشخصية الحدية، في ظهور سلوكيات طاغية.
ومن أشهر طفولة ونشأة بعض الطغاة المشهورين:
1-هتلر: ولد هتلر في النمسا عام 1889. كان والده قاسيًا ومتسلطًا، تركت وفاة والدته عام 1907 أثرًا عميقًا عليه، وأصبح أكثر تمردًا وعدوانية.
2-ستالين: ولد ستالين في جورجيا عام 1878 نشأ في أسرة فقيرة، وتعرض للعنف من قبل والده أدى ذلك إلى تطوير مشاعر الغضب والكراهية، والتي غذت طموحه في السيطرة على الآخرين.
3-موسوليني: ولد موسوليني في إيطاليا عام 1883. كان والده أستاذًا في اللغة الإيطالية، وكانت والدته من عائلة غنية. ومع ذلك، كان موسوليني مراهقًا متمردًا، وغادر المنزل في سن 16 عامًا انضم إلى الجيش الإيطالي، لكنه طُرد بسبب سلوكه المتمرد، وللطرد دور في تكوين الشخصية الحاقدة والعدائية.
القدر يهدي الطغاة الفرصة للوصول للحكم:
هل القدر له دور في صناعة الطاغية؟
القدر: كلمة غامضة وغير محددة، وتختلف تفسيراتها من شخص لآخر مع ذلك، يساهم القدر في وصول الطغاة إلى السلطة من خلال الصدفة أو الحظ. على سبيل المثال، قد يموت الزعيم المنتخب بشكل غير متوقع، مما يفتح الباب للطاغة للوصول إلى السلطة، ويتم ذلك من خلال مجموعة من العوامل، وهي:
1-الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية: قد تؤدي الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية غير المستقرة إلى خلق فرصة للطغاة للوصول إلى السلطة على سبيل المثال، قد يؤدي انهيار النظام السياسي أو الاقتصادي إلى خلق فراغ في السلطة يمكن أن يستغله الطغاة.
2-ضعف المؤسسات الديمقراطية: قد يؤدي ضعف المؤسسات الديمقراطية إلى جعل من الصعب على الشعب التصدي للطغاة على سبيل المثال، قد يؤدي ضعف النظام الانتخابي إلى السماح للطغاة بالوصول إلى السلطة عن طريق تزوير الانتخابات.
3-عدم وجود معارضة قوية: قد يؤدي عدم وجود معارضة قوية إلى تسهيل وصول الطغاة إلى السلطة.
وأبز الأمثلة على وصول الطغاة إلى السلطة بفعل العوامل آنفة الذكر:
1-هتلر: وصل هتلر إلى السلطة في ألمانيا في عام 1933 بعد انهيار النظام الديمقراطي الألماني، ومع قيام الرئيس الألماني هيندنبورغ في 30 يناير 1933 م بتعين هتلر مستشاراً لألمانيا، وذلك أجل الوقوف في وجه الأحزاب الاشتراكية.
2-ستالين: وصل ستالين إلى السلطة في الاتحاد السوفيتي في عام 1924 بعد وفاة فلاديمير لينين.
3-موسوليني: وصل موسوليني إلى السلطة في إيطاليا في عام 1922 بعد أن سمحت له الحكومة الإيطالية بتشكيل حكومة ائتلافية.
التخلص من رفاق الدرب:
إن تخلص الطاغية من رفاق دربه هو جزء أساسي من عملية الطغيان. حيث يهدف الطغاة إلى إنشاء نظام حكم يعتمد على سلطتهم المطلقة، ولا يمكنهم تحقيق ذلك إذا كانوا محاطين بأشخاص قد يشكلون تهديدًا لسلطتهم. ويتخلص الطغاة من رفاق دربه عند وصولهم إلى السلطة بعدة طرق، بما في ذلك:
1-القتل أو السجن: قد يقتل الطغاة رفاق دربه أو يسجنهم، إما بتهم ملفقة أو بدون أي اتهامات على الإطلاق.
2-الإقصاء السياسي: قد يقصي الطغاة رفاق دربه من المناصب السياسية أو القيادية، مما يحرمهم من النفوذ والسلطة.
3-الدعاية المضللة: قد يطلق الطغاة حملة دعائية مضللة لتشويه سمعة رفاق دربه أو تشويه صورتهم أمام الشعب.
4-الرشوة أو الابتزاز: قد يقوم الطغاة برشوة أو ابتزاز رفاق دربه لجعلهم يتعاونون معه أو يتخلون عن أهدافهم السياسية.
حيث قام هتلر وسجن العديد من رفاق دربه في الحزب النازي، وأشهرهم” أرنست روم ” الذي كان يشغل منصب قيادة كتيبة العاصفة وهي الجناح العسكري للحزب النازي، وتم ذلك بعملية عرفة “بليلة السكاكين الطويلة” عام 1934.
ستالين: قام ستالين بقتل أو سجن العديد من رفاق دربه في الحزب الشيوعي، بما في ذلك ليون تروتسكي ورفاقه.
موسوليني: قام موسوليني بقتل أو سجن العديد من رفاق دربه في الحزب الفاشي، بما في ذلك جيليارو مازيني ورفاقه.
الطاغية وتعطشه لسفك الدماء:
هل سفك الدماء تعدم وتعزز قبضة الطاغية؟ نعم، غالبًا ما يسفك الطغاة الكثير من الدماء بهدف تثبيت حكمهم ونشر الرعب والخوف ويهدف الطغاة إلى إنشاء نظام حكم يعتمد على سلطتهم المطلقة، وهناك العديد من الاشكال والطرق التي يمكن من خلالها للطغاة سفك الدماء، ومنها:
1-الاضطهاد السياسي: قد يقوم الطغاة بقتل أو سجن أو تعذيب المعارضين السياسيين أو أي شخص يُنظر إليه على أنه تهديد لسلطتهم.
2-التصفية العرقية أو الدينية: قد يقوم الطغاة بقتل أو ترحيل أو قمع مجموعات عرقية أو دينية معينة.
3-الحرب الأهلية أو الإقليمية: قد يثير الطغاة الحرب الأهلية أو الإقليمية لتشتيت الانتباه عن جرائمهم وتعزيز سلطتهم.
حيث قام هتلر بإبادة جماعية لليهود والأقليات الأخرى خلال الهولوكوست.
قام ستالين بقتل وسجن وتعذيب الملايين من الروس خلال فترة حكمه.
قام بول بوت بقتل وسجن أكثر من مليوني شخص في كمبوديا خلال فترة حكمه.
الاعلام وسيلة لتبيض وجوه الطغاة وتبرير أعمالهم:
لطالما قام الطغاة بالسيطرة على الاعلام، حيث يعتبر الاعلام من الركائز الأساسية لتدعيم سلطة الطاغية المطلقة، وعندم ما يتم إستغلال الاعلام من قبل الطغاة فتكون الغاية لتلميع تلك الإيادي الملطخة بالدماء، فيقوم الطغاة بنشر العديد من الأمور بوساطة الاعلام واهم ما يتبع من سياسة النشر ما يلي:
1-نشر دعاية إيجابية عن أنفسهم: قد يقوم الطغاة بنشر أخبار إيجابية عن أنفسهم وإنجازاتهم، لجأ الطاغية إلى أخذ الصور مع الأطفال، وإلى أخذ الصور مع عامة الناس من فلاحين وعمال، مما يساعدهم على تعزيز صورتهم لدى الشعب.
2-تشويه سمعة المعارضين: قد يقوم الطغاة بنشر أخبار سلبية عن المعارضين السياسيين، مما يساعدهم على إضعاف شعبية المعارضة، وتعزيز صورة الطاغية باعين الشعب.
3-نشر الرعب والخوف: قد يقوم الطغاة بنشر أخبار عن التهديدات التي يتعرض لها النظام، مما يساعدهم على قمع المعارضة وفرض الرقابة على المجتمع.
وأبرز الأمثلة على كيفية استغلال الطغاة الإعلام:
1-هتلر: قام هتلر بإنشاء وزارة الدعاية النازية التي ترأسها جوزف غوبلز والذي أبدع بإدارة الحملات الإعلامية عن هتلر والحزب النازي.
2-ستالين: قام ستالين بفرض رقابة صارمة على وسائل الإعلام، مما مكنه من السيطرة على رواية الأحداث.
3-موسوليني: قام موسوليني بإنشاء جهاز دعاية ضخم، كان مسؤولاً عن نشر أخبار إيجابية عن موسوليني وحزبه الفاشي.
الطاغية وخلق العدو من العدم ؟:
يعمد الطاغية الى خلق عدو من العدم لتبرير القمع الذي يقوم بها والامثلة على ذلك:
هتلر: لقد قام هتلر بتصوير اليهود على أنهم تهديد للشعب الألماني، مما ساعده على تبرير الإبادة الجماعية.
ستالين: الذي قام بتصوير المعارضين السياسيين على أنهم خونة، مما ساعده على قمع المعارضة. موسوليني: أيضا بتصوير الشيوعيين على أنهم تهديد للنظام الفاشي، مما ساعده على تعزيز سلطته.
نهاية الطاغية:
لكل بداية نهاية وكما هو الحال فلا طاغية يبقى على عرشه، جاثياً على صدر شعبه، فكما للقدر دواً في وصولة الى السلطة، للقدر دوره في نهاية الطاغية ومن الأمور التي تؤدي الى زوال الطاغية ما يلي:
1-الموت الطبيعي: قد يموت الطاغية ببساطة من الشيخوخة أو المرض، مثل ستالين الذي توفى في عام 1953 بسكتة دماغية.
الإطاحة أو الثورة: قد تقوم مجموعة كبيرة من الناس بثورة ضد الطاغية، مما يؤدي إلى الإطاحة به، مثل ما تم إعدام موسوليني من قبل الثوار الإيطاليين في عام 1945.
الانتحار: قد يختار الطاغية الانتحار بدلاً من مواجهة عواقب أفعاله، مثل ما حدث مع هتلر الذي انتحر في عام 1945 بعد أن هزمت ألمانيا في الحرب العالمية الثانية.
2-المعارضة السياسية: يمكن للمعارضة السياسية أن تلعب دورًا مهمًا في الإطاحة بالطغاة يمكن أن تقوم المعارضة بتنظيم الاحتجاجات والحملات الإعلامية لزيادة الوعي بالطغيان وتعبئة الناس للتغيير.
3-الجيش: يمكن للجيش أن يلعب دورًا مهمًا في الإطاحة بالطغاة يمكن أن تقوم هذه القوى العسكرية بانقلاب عسكري أو مقاومة النظام.
الأثار السلبية للطغاة على المجتمع:
بمجر قولنا طاغية فتلك تكفي، فكيف إذا أستلم السلطة في المجتمع؟ ومن أهم السلبيات على المجتمع ما يلي (الظلم والاستبداد-التراجع الاقتصادي-الاضطرابات الاجتماعية)
الطغاة في زمان ومكان ويتواجدون في كافة المجتمعات ونحن عندما ذكرنا كل من هتلر، ستالين، موسليني، هذه لا يعني إن الطغاة في تلك المجتمعات فقط؟ لا، ولكن تم ذكرهم كونهم سطروا أسمائهم بالكثير من الدماء، فالشرق الأوسط غارق بالطغاة، ولطالما كان الشرق مهدًا للطغاة، فمنذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا، شهدت المنطقة العديد من الحكومات الديكتاتورية التي قمعت شعبها وحرمته من حقوقه ولا خلاص من هذه المرض الا عن طريق الديمقراطية الحقيقية لا الصورية، الديمقراطية ذات الأفعال لا الاقوال. ولقد أكد القائد عبدالله أوجلان مرار وتكرار إن لا حل لمشاكل الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم أجمع ألا بذهنية الأمة الديمقراطية من خلال حكم الشعوب نفسها بنفسها ،وتقبل الشعوب للشعوب الأخرى بموجب أخوة الشعوب ونحن في شمال شرق سوريا نعمل بكل جهد لتطبيق مبادئ الامة الديمقراطية بإدق تفاصيلها حتى نقدم الديمقراطية بشكلها الفعال للعالم .