الاقتصاد البيئي _زلال محمود
الاقتصاد البيئي
تعد البيئة ومشكلاتها اليوم من أبرز المواضيع التي نالت اهتمام مختلف المؤسسات والهيئات الرسمية والدولية والعلوم الإنسانية والاجتماعية، لما لها من أثر واضح ومباشر على حياة الإنسان، إذ فرض هذا الأثر نفسه فرضاً بعدما أصبح الإنسان يعاني جراء المشكلات البيئية الناجمة عن الاختلال في توازن النظم البيئية، مما استدعى تجنيد كافة الجهود الدولية والمحلية على مختلف المستويات من أجل البحث في أسباب المشكلات البيئية والحد منها وتفاديها. سنطرح في هذه المقالة مفهوم البيئة ومشكلاتها ومفهوم الاقتصاد البيئي الذي يعد موضوعاً مهماً للبيئة والتي تعد طريقاً من طرق الحل البيئي.
هناك بعض الجوانب المهملة في الحياة الاقتصادية تفرض نفسها ولم تدخل صلب التحليل الاقتصادي بعد، فلا زالت الجامعات تدرس علم الاقتصاد على أنه (العلم الذي يبحث في الاستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية بهدف تحقيق أكبر ربح ممكن، أو إشباع الحاجات الإنسانية بأقل تكلفة ممكنة) ، هذا المفهوم لعلم الاقتصاد بدأ يتغير ولم يعد الفهم الكلاسيكي له متناسباً مع متطلبات تطور النشاط الاقتصادي. فعند العودة إلى هذا المفهوم نجد أنه لا يأخذ بالاعتبار الجانب البيئي في النشاط الاقتصادي، فعند إنتاج أي منتج صناعي مثلاً، لا يحسب ضمن التكلفة سوى التكلفة داخل المجمع الصناعي ولا يحسب كم طناً من الأسماك قد دمر في البحيرة مقابل إنتاج هذا المنتج, أم كم شخصاً قد تضرر أو مرض نتيجة الغازات أو الغبار المنطلق، وكم سيكلف علاجهم وما هي خسائر الإنتاج الناجمة عن التوقف عن العمل بسبب المرض، وكم هو حجم الضرر الحاصل في المزروعات والغابات والهواء في المنطقة المحيطة بالمجمع الصناعي.
كما أنه لا تحسب تكلفة زيادة غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يتسبب بارتفاع درجة حرارة الأرض، ولا تحسب أيضاً تكلفة زيادة غازات الكلور فلور كربونات وأول أوكسيد الكلور التي تسبب تمزيق طبقة الأوزون. هذه التكاليف الاجتماعية والتي تعتبر خارجية بالنسبة للمنشأة، سواء كانت على مستوى بلد معين أو إقليم معين أو على المستوى العالمي، لا تزال خارج الحسابات الاقتصادية.
لقد أفرزت التطورات البيئية في العقود الأخيرة إلى وجود فرعاً جديداً من فروع العلوم الاقتصادية هو (علم اقتصاد البيئة) الذي نعرّفه بأنه (العلم الذي يقيس بمقاييس بيئية مختلف الجوانب النظرية والتحليلية والمحاسبية للحياة الاقتصادية ويهدف إلى المحافظة على توازنات بيئية تضمن نمواً مستديماً)، وقبل الحديث عن مهام ودور اقتصاد البيئة وعن مستوياته لابد من تحديد مصطلح البيئة.
البيئة: تعني مجمل العوامل التي يكون لها دور في تحديد الوجود البشري، أي العوامل التي تحدد الشروط المادية والنفسية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية لعلاقات البشر.
الاقتصاد البيئي: هو فرع من فروع الاقتصاد يسعى إلى فهم العلاقة بين البيئة والاقتصاد؛ بمعنى آخر إنَّه يهتم بالتفاعل بين النشاط الاقتصادي ونوعية البيئة، ويحلِّلِ الاقتصاديون البيئيون تكاليف السياسات البيئية وفوائدها، ويطوِّرون استراتيجيات لتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية.
ومن التعريف الذي أوردناه لاقتصاد البيئة يمكن أن نميز بين مستويين لاقتصاد البيئة على مستوى المنشأة (مستوى جزئي)، واقتصاد البيئة على مستوى الاقتصاد ككل (مستوى كلي).
(اقتصاد البيئة الجزئي (على مستوى المنشأة:
يمثل اقتصاد البيئة الجزئي جزءاً من اقتصاد المنشأة الذي يهتم ويحلل علاقة المنشأة بالبيئة الطبيعية والتطور النوعي للبيئة المحيطة وأثر السياسات البيئية على المنشأة. ولاقتصاد البيئة على مستوى المنشأة المهام التالية:
.1 دراسة وتحليل إجراءات حماية البيئة على المنشأة وأهدافها وعلى تعظيم الربح فيها.
.2 تقديم المشورات والنصائح للمنشأة المناسبة والمنسجمة مع متطلبات حماية البيئة.
.3 المساهمة في توجيه الإنتاج بما تقتضي التوجهات والتعليمات واللوائح البيئية.
.4 دراسة الاستثمارات البيئية التي تحد من الأخطار البيئية.
.5 إعطاء المعلومات حول تكاليف حماية البيئة ونفقات الاستثمار وتأثير حماية البيئة على حسابات الأرباح والخسائر وتحليل الجدوى البيئية للمشاريع.
.6 إعطاء النصائح وتحليل المشاكل ودراسة آفاق المستقبل لبعض فروع الاقتصاد في ضوء التطورات البيئية كمنشآت الخدمات والنقل وصناعة حماية البيئة والتجارة والتأمين.
.7 إن اقتصاد البيئة الجزئي على مستوى المنشأة لا يحظى بأهمية كبيرة بالمقارنة مع اقتصاد البيئة الكلي.
اقتصاد البيئة الكلي:
يتناول اقتصاد البيئة الكلي مشاكل البيئة على مستوى الاقتصاد ككل.. من أهدافه الوصول إلى مستويات أعلى من الرفاه الاجتماعي المستديم الذي يأخذ بالاعتبار المحافظة على نوعية البيئة عند مستويات عليا.
ولاقتصاد البيئة الكلي مجموعة من الوظائف يجب أن يقوم بها:
1 –اقتصاد البيئة كجزء من العلوم الاقتصادية الكلية، أي ليس فقط تخصيص التكاليف على مستوى المنشأة وإنما التكلفة على مستوى المجتمع وعلى مستوى الاقتصاد ككل.
2 –تقديم المعلومات والاستشارات التي يمكن على أساسها اتخاذ القرارات وذلك من خلال:
– تقويم الأضرار البيئية وإجراءات حماية البيئة ونتائج تلك الإجراءات.
-تقويم تطور أدوات السياسة البيئية سواء المحلية منها أو العالمية وتحديد إلى أي مدى تم حل المشاكل الموجودة.
-تقويم تأثير حماية البيئة على الأهداف الاقتصادية الكلية وتحديداً على العمالة والنمو الاقتصادي.
– تقويم العلاقات بين السياسات البيئية والاقتصادية ذات الصلة فالسياسة البيئية تؤثر في السياسات الأخرى؛ كالسياسات الإقليمية وسياسة النقل والمواصلات وسياسة الطاقة والموارد.
الاقتصاد البيئي هو مجال متعدد التخصصات يعتمد على مفاهيم من الاقتصاد والبيئة والعلوم الطبيعية الأخرى، ونطاق الاقتصاد البيئي واسع جداً، ويغطي موضوعات مثل تغير المناخ وتلوث الهواء والماء وإزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي.
دور الاقتصاد البيئي:
يؤدي الاقتصاد البيئي دوراً حاسماً في توجيه قرارات السياسة التي تؤثِّر في البيئة والاقتصاد، من خلال تزويد صانعي السياسات بالأدوات اللازمة لتقييم تكاليف السياسات البيئية وفوائدها، ويمكن للاقتصاديين البيئيين المساعدة على ضمان اتخاذ قرارات السياسة لمصلحة المجتمع ككل، إضافة إلى ذلك يساعد الاقتصاد البيئي على تعزيز التنمية المستدامة من خلال تحديد فرص النمو الاقتصادي مع تقليل الآثار السلبية في البيئة.
أهمية الاقتصاد البيئي:
الاقتصاد البيئي هو مجال هام للدراسة لأسباب عدة منها:
.1دوره في حماية البيئة:
يساعد الاقتصاديون البيئيون صانعي السياسات على تحديد الاستراتيجيات الأكثر فاعلية من ناحية التكلفة؛ للحد من التلوث والمخاطر البيئية الأخرى، وقد يشمل ذلك تصميم ضرائب التلوث، وأنظمة الحد الأقصى والمتاجرة، أو سياسات أخرى توفر حوافز للأفراد والشركات لتقليل تأثيرها البيئي، ويمكن للاقتصاد البيئي أن يساعد على ضمان اتخاذ قرارات السياسة لمصلحة المجتمع ككل؛ من خلال تزويد صانعي السياسات بالأدوات اللازمة لتقييم تكاليف السياسات البيئية وفوائدها.
.2 دوره في إدارة الموارد:
يدرس الاقتصاديون البيئيون طرائق استخدام الموارد الطبيعية وإدارتها، مثل الغابات وأماكن صيد الأسماك والمياه، ويقومون بتحليل تكاليف استراتيجيات الإدارة المختلفة وفوائدها، مثل تحديد الحصص لصيد الأسماك أو تنفيذ تدابير الحفاظ على الغابات، ويمكن لخبراء الاقتصاد البيئي المساعدة على ضمان توفُّر هذه الموارد للأجيال القادمة من خلال تحديد طرائق مستدامة لاستخدام الموارد الطبيعية وإدارتها.
تعزيز التنمية المستدامة:
ينطوي هذا على إيجاد طرائق لتعزيز النمو الاقتصادي مع تقليل الآثار السلبية في البيئة، ويمكن لخبراء الاقتصاد البيئي المساعدة على تحديد فرص النمو الاقتصادي المتوافقة مع حماية البيئة، مثل الاستثمار في الطاقة المتجددة أو تطوير السياحة المستدامة؛ عن طريق تعزيز النشاط الاقتصادي المستدام، ويستطيع الاقتصاد البيئي المساعدة على ضمان عدم تحقيق النمو الاقتصادي على حساب البيئة.
يستطيع الاقتصاديون البيئيون من خلال تحديد فرص النشاط الاقتصادي المتوافقة مع حماية البيئة، المساعدة على ابتكار صناعات وتوفير وظائف جديدة، على سبيل المثال يمكن للاستثمار في الطاقة المتجددة أن يوفر وظائف في صناعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وبالمثل فإنَّ الاستثمار في الزراعة المستدامة قد يوفر وظائف في صناعة الزراعة العضوية.
يُعدُّ علم الاقتصاد البيئي مجالاً هاماً للدراسة مع أدوار عديدة رئيسة يجب أن يؤديها، إنَّه هام لتعزيز حماية البيئة من خلال تحديد استراتيجيات فاعلة من ناحية التكلفة للحد من التلوث والمخاطر البيئية الأخرى، كما أنَّه هام لإدارة الموارد والتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي
يواجه الاقتصاد البيئي تحديات عديدة، بدءاً من تدهور الموارد الطبيعية إلى تعقيدات تغير المناخ وتشمل هذه التحديات:
1.الخسارة السريعة للتنوع البيولوجي:
فقد شهدنا طوال العقود القليلة الماضية، انخفاضاً كبيراً في أعداد أنواع عديدة؛ إذ يواجه بعضها خطر الانقراض؛ والسبب هو فقدان التنوع البيولوجي إلى تدمير الموائل وتغير المناخ والتلوث، إنَّه يهدد استقرار النظم البيئية ويشكِّل خطراً جسيماً على رفاهية الإنسان.
نحن نحتاج لمواجهة هذا التحدي إلى الاستثمار في جهود الحفظ التي تحمي النظم البيئية وترممها، وتبتكر ممارسات استخدام مستدامة للأراضي تعطي الأولوية للحفاظ على التنوع البيولوجي.
.2 الإفراط في استخدام الموارد الطبيعية واستنفادها:
مثل موارد عديدة محدودة وغير متجددة، مثل الوقود الأحفوري والمعادن، وغالباً ما يكون استخراجها واستهلاكها غير مستدام، وقد يؤدي إلى آثار بيئية كبيرة، مثل تدهور الأراضي وتلوث المياه الهواء.
نحن نحتاج لمواجهة هذا التحدي إلى التحول نحو ممارسات أكثر استدامة لإدارة الموارد التي تعطي الأولوية للحفاظ على الموارد الطبيعية واستخدامها بكفاءة.
3.تغير المناخ:
هو تحدٍّ رئيسي آخر يواجه الاقتصاد البيئي، ويتسبَّب المناخ المتغير في ارتفاع درجات الحرارة وزيادة تواتر الكوارث الطبيعية وشدتها، وتغيير أنماط الطقس التي تؤثِّر في المجتمعات البشرية والنظم البيئية على مستوى العالم.
تتطلب مواجهة هذا التحدي تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو الحد منها؛ من خلال مجموعة من تدابير التخفيف واستراتيجيات التكيف، ويشمل ذلك الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الطاقة، وتنفيذ السياسات التي تشجع النقل المستدام وممارسات استخدام الأراضي.
4.إنتاج الغذاء واستهلاكه:
حيث يتزايد الطلب على الغذاء على الصعيد العالمي؛ لكنَّ نظمنا الغذائية الحالية غالباً ما تكون غير مستدامة وتساهم في التدهور البيئي، ويُعدُّ إنتاج الغذاء مصدراً هاماً لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتلوث المياه وتغيير استخدام الأراضي.
نحن نحتاج لمواجهة هذا التحدي إلى الانتقال إلى أنظمة غذائية أكثر استدامة وتجديداً، تعطي الأولوية لإنتاج الأغذية المحلية والعضوية، والحد من هدر الطعام، وتحسين الأمن الغذائي والتغذية.
5 .العدالة الاجتماعية:
إذ غالباً ما تشعر المجتمعات المهمشة والضعيفة بآثار التدهور البيئي وتغير المناخ، وقد تفتقر هذه المجتمعات إلى الوصول إلى الموارد الأساسية، مثل المياه النظيفة والهواء، وقد تكون أكثر عرضة لتأثيرات الكوارث الطبيعية، وتتطلب معالجة هذه التحديات التركيز على الإنصاف الاجتماعي والعدالة، وضمان وصول جميع المجتمعات إلى بيئات نظيفة وصحية وإدراجها في عمليات صنع القرار التي تؤثِّر في حياتهم.
إذ إن حالة اللاتوازن البيئي التي تصيب النظام البيئي نتيجة للعوامل الطبيعية أو نتيجة لنشاطات الإنسان المختلفة يفضي بالضرورة إلى حدوث مشكلات بيئية. هذه المشكلات التي باتت تؤرق جميع الشعوب في مختلف أنحاء العالم، تعددت أشكالها وتنوعت مجالاتها ولكنها اشتركت جميعا في كونها خطر أصبح يهدد كيان البشرية جمعاء.
دور التكنولوجيا في الاقتصاد البيئي:
وقد أدى التطور التكنولوجيا والابتكارات في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة إلى زيادة الاهتمام بالاقتصاد البيئي.
فقد أصبحت الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والطاقة الرياح، أكثر فعالية وملاءمة من الناحية الاقتصادية مقارنة بالوقود الأحفوري التقليدي.
وقد أدى استخدام هذه التقنيات الجديدة إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتلوث الهواء، مما يحسن جودة الحياة ويحمي البيئة.
بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الاقتصاد البيئي أيضًا تغييرًا في الأنماط الاستهلاكية والإنتاجية.
فعلى سبيل المثال، يجب تقليل الهدر والإهدار في استهلاك الموارد الطبيعية، وتشجيع إعادة التدوير وإعادة الاستخدام للمنتجات والمواد.
كيفية الحفاظ على البيئة؟
يتم الحفاظ على البيئة من خلال الامور التالية:
تقليل النفايات: يعتبر تقليل كمية النفايات المنتجة أمراً حاسماً في الاقتصاد البيئي.
يتم تحقيق ذلك من خلال تحسين عمليات التصميم والتصنيع للمنتجات بحيث تتطلب كميات أقل من المواد الخام وتكون أكثر صديقة للبيئة.
وعلى المستوى الفردي، يُشجع على ممارسة ثقافة الاستهلاك المستدام وإعادة التدوير والتحويل لتقليل إنتاج النفايات.
إعادة التدوير وإعادة الاستخدام: تعد إعادة التدوير وإعادة الاستخدام جزءا أساسيًا من إدارة النفايات الصلبة والاقتصاد البيئي.
من خلال تحويل المواد القابلة للتدوير إلى منتجات جديدة أو إعادة استخدامها، يمكن تقليل استهلاك الموارد الطبيعية والانبعاثات الناجمة عن إنتاج المواد الجديدة.
وهذا يؤدي إلى تحقيق الاستدامة البيئية وتقليل الضغط على الموارد الطبيعية.
تحويل النفايات إلى مصادر طاقة: يمكن استغلال النفايات الصلبة كمصدر للطاقة المتجددة، مثل إنتاج الغاز الحيوي من عمليات التحلل الحيوي للنفايات العضوية.
يمكن استخدام هذه الطاقة في توليد الكهرباء أو تسخين المباني، مما يقلل الاعتماد على المصادر الأحفوري ويقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة.
الابتكار والتكنولوجيا النظيفة: يدفع الاقتصاد البيئي إلى تطوير واعتماد التكنولوجيا النظيفة والمبتكرة في مجال إدارة النفايات الصلبة.
هل من الممكن أن يساهم الاقتصاد البيئي في حل الأزمات الاقتصادية التي تواجهها الدول؟
بالطبع للاقتصاد البيئي دور حاسم في حل الأزمات الاقتصادية التي تواجهها بعض الدول وذلك من خلال :
.1 توفير فرص عمل جديدة: يعزز الاقتصاد البيئي تطوير قطاعات جديدة مرتبطة بالبيئة، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة وإدارة النفايات. هذا يؤدي إلى توفير فرص عمل جديدة وتشجيع الابتكار والزيادة في هذه القطاعات.
2.تحسين كفاءة استخدام الموارد: يعمل الاقتصاد البيئي على تحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، مما يقلل من الاعتماد على الموارد النفطية والمواد الغير متجددة.
3 .توفير تكاليف طاقة: يعمل الاقتصاد البيئي على تحسين كفاءة الطاقة وزيادة استخدام الطاقة المتجددة، مما يقلل من تكاليف الطاقة ويقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري. هذا يمكن أن يخفض تكاليف الإنتاج ويعزز التنافسية الاقتصادية.
4 .تعزيز الابتكار والتكنولوجيا النظيفة: يتطلب الاقتصاد البيئي تطوير واعتماد التكنولوجيا النظيفة والمستدامة في مجالات مختلفة، مثل الطاقة والتصنيع والزراعة. هذا يحفز الابتكار ويعزز القدرة التنافسية للدول في الأسواق العالمية.
.5 تحسين جودة الحياة: يركز الاقتصاد البيئي على تحسين جودة الحياة من خلال حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية. وبالتالي، يمكن أن يؤدي إلى تحسين صحة السكان وتخفيض تكاليف الرعاية الصحية وتعزيز الاستدامة الاجتماعية.
من الواضح أن الاقتصاد البيئي يمكن أن يكون حلاً فعالاً للتحديات الاقتصادية والبيئية التي نواجهه
لذا، ينبغي على الدول والمجتمعات أن يعتمدوا على الاقتصاد البيئي كمنهج شامل للتنمية والتحول الاقتصادي، والعمل معاً لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع.
فلقد ثبت خلال العقود الماضية أن الاقتصاد الذي لا يأخذ في الحسبان قضايا تغير المناخ، والتلوث، وفقدان الموارد الطبيعية، وعدم المساواة الاجتماعية، والتفاوت في الدخل، والمجاعة، والأزمات المالية، يعد اقتصادا غير مستدام كثير الأزمات.
الاقتصاد البيئي(الإيكولوجي) في الأمة الديمقراطية:
الجاني الرئيسي للمشكلة البيئية هو الحضارة المركزية والإنسان الذي تحت سيطرتها. ليست الطبيعة هي التي تخلق المشكلة، بل إنها الحضارة المركزية. في الحداثة الرأسمالية الطبيعة في موضع الضحية. مع الصنعوية وصلت الطبيعة الى مرحلة الانقراض ويخمن العلماء أن لها عمراً محدوداً. إن الطبيعة التي تنبه تعاني من مشاكل على مستوى لا رجوع فيه ولا يمكن حلها بأيدي الإنسان. إذا استمر التدمير الجامح للكون من قبل الحداثة الرأسمالية، يعني القيامة الحقيقية. من الواضح أن مشكلة الصنعوية هي جزء من المشكلة الإيكولوجية وسببها الأساسي. لكن الإيكولوجيا هو قضية اجتماعية وإشكالية تعني أكثر من مجرد الصنعوية.
لن تحل المشاكل الإيكولوجية بمجرد الرغبات والتوصيات، والتعبير عن الحقيقة، وشرح بيانات البحث العلمي، والأفعال والمقاومات السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية. قد تؤدي مثل هذه الإجراءات إلى توعية المجتمع، لكنها ليست كافية لإحداث تغييرات منهجية. لا يمكنها إيقاف وحشية الصنعوية المدمرة والوجود المنهجي للحداثة الرأسمالية. المشكلة الاستراتيجية الأساسية هي الربح الأقصى، والملكية الخاصة، والجشع، ورأس المال وهيكله السياسي، والسلطة، والدولة القومية، أي الوجود النظامي للحداثة الرأسمالية. لذلك يجب أن يكون حل المشكلة الإيكولوجية منهجياً. الحل الوحيد هو الحضارة الديمقراطية وتشكيل أمة ديمقراطية واشتراكية ديمقراطية وتشكيل مجتمع سياسي أخلاقي مع فرصة للتطبيق المنهجي. الأمة الديمقراطية تقترب من الإيكولوجيا من حيث المبدأ. أنها تعلم أن المشكلة أيديولوجية وسياسية ومنهجية. وتهدف إلى تنظيم الاقتصاد الإيكولوجي على نطاق وطني. إنها تهدف الى تجاوز الحداثة الرأسمالية في المجال العالمي. إنها نشطة وجذرية في هذا الصدد. تتخذ إجراءات للكشف المتعمق عن المشكلة وحلها. تقترب من المشكلة الإيكولوجية بشكل شامل. وتهدف إلى بناء الاقتصاد الإيكولوجي بالمعنى المنهجي. قبل كل شيء يتم تدريب الإدارات والمجالس والكومينات على المستوى العلمي. يتم إقناعهم بتمكينهم من اكتساب الوعي. يتم إجراء محاولات للحصول على نتائج بطرق متعددة. الهدف هو تثقيف المجتمع حول النظام الإيكولوجي الاقتصادي، لجعله حساساً ومسؤولاً وتحقيق الفعالية بوعي. في ظل ظروف اليوم يكاد يكون من المستحيل صنع إنتاج ايكولوجي بالكامل. لا توجد قطعة أرض واحدة، أو سماء، أو قطرة ماء، ولا يوجد شخص واحد لم يسمم من قبل الحداثة الرأسمالية. لهذا السبب يجب أن تبني الهيكلة الديمقراطية المستقلة وجودها من خلال النضال ضد الحداثة الرأسمالية والاستعمار الاقتصادي في كل مجال، وكذلك في الاقتصاد الإيكولوجي.
الاقتصاد البيئي هو مجال دراسي هام جداً يساعدنا على تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية، ويوفِّر الاقتصاد البيئي إطاراً لفهم العلاقة بين النشاط الاقتصادي والبيئة.
نستطيع تطوير سياسات تعزز النمو الاقتصادي المستدام الذي لا يأتي على حساب البيئة من خلال إدراك الترابط بين الاقتصاد والبيئة، وتتمثل إحدى الطرائق الرئيسة لتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية في تعزيز الاستهلاك والإنتاج المستدامَين، وهذا يشمل الحد من استخدام الموارد غير المتجددة، وتقليل النفايات وتعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة.
باختصار، يستطيع الاقتصاد البيئي أن يؤدي دوراً حاسماً في تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية، كما نستطيع تقليل تأثيرنا في البيئة مع تعزيز النمو الاقتصادي، إضافة إلى تطبيق الرؤى من الاقتصاد البيئي لإنشاء مستقبل أكثر استدامة وازدهاراً لأنفسنا وللأجيال القادمة.