أكاديمية المجتمع الديمقراطي

الحرية _ حسام الأحمد

0 853

الحرية

الحرية هي أحد أهم المفاهيم التي سعى الإنسان إلى تحقيقها منذ القدم، فهي تمثل القدرة على فعل ما يريده الفرد دون قيود أو ضغوط من الآخرين أو من المجتمع والحرية هي غاية الإنسان التي يسعى الوصول إليها منذ القدم، فهي ليست مجرد غياب القيود، بل هي القدرة على اختيار ما هو أفضل للفرد والمجتمع والحرية هي حق أساسي من حقوق الإنسان، وقد تم التأكيد عليها في العديد من المواثيق الدولية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحرية لها أهمية كبيرة للفرد والمجتمع، فهي تسمح للفرد بالتعبير عن نفسه وتحقيق إمكاناته، كما تساهم في بناء مجتمع ديمقراطي وعادل والحرية هي حق طبيعي لكل إنسان، وهي ضرورية للعيش حياة كريمة.

هناك العديد من التعريفات للحرية، فالحرية من مفهوم فلسفي وأخلاقي وقانوني يشير إلى القدرة على اتخاذ القرارات والتصرف دون قيود، ويمكن تعريف الحرية على أنها:”القدرة على فعل ما نريد، دون قيود من الآخرين أو من الظروف الخارجية والقدرة على الاختيار بين البدائل، دون إجبار أو ضغط. والقدرة على العيش وفقًا لمعتقداتنا وقيمنا، دون تدخل من الآخرين، كما يمكننا تعريفها بشكل عام بأنها قدرة الفرد على اتخاذ قراراته بنفسه دون تدخل من الآخرين الحرية هي عكس العبودية، وهي تمثل حالة من الاستقلال الذاتي”

تاريخ الحرية:

تاريخ الحرية هو تاريخ طويل من الصراع بين الإنسان وسلطة الدولة، أو بين الإنسان وسلطة اجتماعية أو دينية أو غيرها. وقد شهد هذا التاريخ العديد من الانتصارات والهزائم، لكن النتيجة الإجمالية كانت توسعًا تدريجيًا لمفهوم الحرية وتطبيقه على نطاق أوسع.

1-الحرية في العصور القديمة

ظهرت أول بذور مفهوم الحرية في العصور القديمة، حيث بدأت بعض المجتمعات في منح بعض أفرادها قدرًا من الحرية الشخصية والسياسية. ففي اليونان القديمة، كانت هناك مدن-دول مستقلة سمحت لسكانها بالمشاركة في صنع القرار السياسي. وفي روما القديمة، كان هناك قانون يحمي حقوق المواطنين، مثل حق الحياة والحرية والملكية.

2-الحرية في العصور الوسطى

تراجع مفهوم الحرية في العصور الوسطى، حيث أصبحت السلطة المركزية أكثر تركيزًا، وأصبح الناس أكثر خضوعًا لسلطة الكنيسة والدولة. ومع ذلك، فقد استمرت بعض الحركات في الدفاع عن الحرية، مثل حركة المصلحين الدينيين في القرن السادس عشر، والتي دعت إلى إصلاح الكنيسة الكاثوليكية وتعزيز الحريات الدينية.

3-الحرية في العصر الحديث

شهد العصر الحديث توسعًا كبيرًا لمفهوم الحرية وتطبيقه. فقد شهدت هذه الفترة العديد من الثورات التي طالبت بالحرية، مثل الثورة الأمريكية والثورة الفرنسية. وقد أدت هذه الثورات إلى إنشاء دول ديمقراطية جديدة، والتي اعتمدت على مبدأ المساواة بين جميع المواطنين والحق في المشاركة في صنع القرار السياسي، وما يزال يستمر الصراع من أجل الحرية في العصر الحديث. فهناك العديد من الدول التي لا تزال تعاني من الحرمان من الحرية، مثل الدول التي تعاني من الاستبداد السياسي أو القمع الديني. ومع ذلك، فقد شهدت هذه الفترة أيضًا العديد من الإنجازات المهمة في مجال الحرية، مثل انتشار الديمقراطية في جميع أنحاء العالم وزيادة الوعي بحقوق الإنسان.

الحرية عند الفلاسفة:

لقد حظي مفهوم الحرية باهتمام الفلاسفة منذ القدم، حيث حاولوا تعريفه وتحديد طبيعته وعلاقته بالإنسان، لا يوجد إجماع بين الفلاسفة على مفهوم الحرية، حيث يختلفون حول طبيعتها وعلاقتها بالإنسان، وقد تنوعت المواقف الفلسفية من مفهوم الحرية، فهناك من يرى أنها مطلقة، وهناك من يرى أنها نسبية، وهناك من يرى أنها محدودة:

أ-الحرية المطلقة:

يرى بعض الفلاسفة أن الحرية مطلقة، بمعنى أن الإنسان حر تمامًا في أفعاله وتصرفاته، ولا يوجد أي قيود على حريته. ومن أبرز الفلاسفة الذين يؤمنون بالحرية المطلقة:

1-سقراط: يرى سقراط أن الحرية هي قدرة الإنسان على فعل الخير، وأنها تأتي من المعرفة.

2-الرواقيون: يرى الرواقيون أن الإنسان حر تمامًا، وأن القيود التي تفرضها عليه الطبيعة أو المجتمع لا تؤثر على حريته.

3-إيمانويل كانط: يرى كانط أن الحرية هي قدرة الإنسان على التصرف وفقًا للعقل، وأنها تأتي من الالتزام بالقانون الأخلاقي.

ب-الحرية النسبية

يرى بعض الفلاسفة أن الحرية نسبية، بمعنى أنها محدودة بعوامل وظروف معينة. ومن أبرز الفلاسفة الذين يؤمنون بالحرية النسبية:

1-أفلاطون: يرى أفلاطون أن الحرية هي قدرة الإنسان على السيطرة على رغباته، وأنها محدودة بوجود النفس الناطقة التي تتحكم في النفس الشهوانية والنفس الغضبية.

2-أرسطو: يرى أرسطو أن الحرية هي قدرة الإنسان على التصرف وفقًا للعقل، وأنها محدودة بوجود الطبيعة والمجتمع.

3-جون ستيوارت ميل: يرى ميل أن الحرية هي قدرة الإنسان على التصرف دون تدخل من الآخرين، وأنها محدودة بحق الآخرين في التصرف بحرية.

ت-الحرية المحدودة:

يرى بعض الفلاسفة أن الحرية محدودة، بمعنى أنها مقيدة بالقوانين والأخلاق والقيم. ومن أبرز الفلاسفة الذين يؤمنون بالحرية المحدودة:

1-ابن رشد: يرى ابن رشد أن الحرية هي قدرة الإنسان على التصرف وفقًا لحكم العقل، وأنها محدودة بوجود الطبيعة والمجتمع.

2-فريدريك نيتشه: يرى نيتشه أن الحرية هي قدرة الإنسان على التجاوز والخلق، وأنها محدودة بوجود الذات

الحرية بمنظور القائد عبد الله اوجلان:

لقد تحدث القائد عبد الله اوجلان في كتابه “الطريق إلى الحرية “عن الحرية حيث يرى أن الحرية هي “حق الإنسان الطبيعي والإلهي”، وأنها “الأساس الذي تستند عليه جميع الحقوق الأخرى” وينظر القائد عبد الله اوجلان أن الحرية هي شرط أساسي للتنمية البشرية والازدهار فهي تسمح الناس بالتعبير عن أنفسهم بحرية، وتحقيق إمكاناتهم، وبناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً ويحدد القائد عبد الله اوجلان الحرية ثلاث أنواع ويرى القائد أن هذه الأنواع الثلاثة من الحرية مترابطة، وأنها ضرورية لتحقيق حرية الإنسان بشكل كامل، والانواع هي:

الحرية السياسية: وهي الحق في التعبير عن الرأي والمشاركة في الحياة السياسية.

الحرية الاقتصادية: وهي الحق في العمل والحصول على التعليم والرعاية الصحية.

الحرية الاجتماعية: وهي الحق في المساواة والكرامة الإنسانية.

أقوال للقائد والفيلسوف عبدالله اوجلان في الحرية:

1-“الحريّة هي حقّ أساسيّ لجميع البشر، وهي من القيم الإنسانيّة التي يجب أن تُصان.”

2-“الحريّة هي الأساس الذي تستند عليه جميع الحقوق الأخرى.”

3-“بدون الحريّة، لا يمكن للناس أن يُعبّروا عن أنفسهم بحرية، أو أن يُحققوا إمكاناتهم، أو أن يبنوا مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً.”

4-“الحريّة هي شرط أساسيّ للتنمية البشريّة والازدهار.”

5-“الحريّة هي من القيم الإنسانيّة التي يجب أن نُدافع عنها جميعاً.”

أنواع الحرية:

هناك العديد من أنواع الحرية، منها:

1-الحرية السياسية: وهي حرية الفرد في التعبير عن آرائه السياسية والمشاركة في الحياة السياسية.

2-الحرية الدينية: وهي حرية الفرد في ممارسة شعائره الدينية دون مضايقة أو تقييد.

3-الحرية الاقتصادية: وهي حرية الفرد في اختيار العمل الذي يريده وممارسة التجارة التي يريدها

4-الحرية الشخصية: وهي حرية الفرد في اتخاذ قراراته الخاصة بشأن حياته الشخصية، مثل اختيار الزواج والطلاق والسكن

أهمية الحرية:

الحرية هي ضرورية للعيش حياة كريمة، وهي تمثل أساسًا للعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية. الحرية تسمح للأفراد بالتعبير عن أنفسهم وتطوير قدراتهم، كما أنها تساهم في خلق مجتمعات أكثر ازدهارًا واستقرارًا، وللحرية أهمية كبيرة للأفراد والمجتمعات، وتبرز اهمية الحرية للأفراد في العديد من النقاط منها:

1-القدرة على اتخاذ القرارات الذاتية: تسمح الحرية للأفراد باتخاذ القرارات التي تناسبهم دون تدخل من الآخرين. وهذا يمنحهم الشعور بالسيطرة على حياتهم ويعزز ثقتهم بأنفسهم.

2-تحقيق الذات: تسمح الحرية للأفراد بالتعبير عن أنفسهم وتحقيق أهدافهم وطموحاتهم. وهذا يؤدي إلى حياة أكثر سعادة ورضا.

3-النمو الشخصي والتطوير: تساهم الحرية في نمو الفرد وتطوير شخصيته. عندما يتمتع الفرد بالحرية، فإنه يكون أكثر عرضة لتجربة أشياء جديدة وتعلم أشياء جديدة.

4-المشاركة في المجتمع: تسمح الحرية للأفراد بالمشاركة في المجتمع والمساهمة في إحداث التغيير عندما يتمتع الأفراد بالحرية، فإنهم يكونون أكثر استعدادًا للدفاع عن حقوقهم وحقوق الآخرين.

5-وايضاً تمنح الحرية للأفراد (حرية التعبير، حرية الحركة والتنقل، حرية التجمع، حرية الاختيار)

أهمية الحرية للمجتمعات، فهي تساهم في العديد من الأمور، منها:

1-الديمقراطية: تعتمد الديمقراطية على حرية التعبير والتجمع والتصويت، وهي ضرورية لضمان تمثيل جميع أفراد المجتمع.

2-العدالة الاجتماعية: تساهم الحرية في تحقيق العدالة الاجتماعية، حيث تسمح للأفراد بالتعبير عن احتياجاتهم ومصالحهم والمطالبة بحقوقهم.

3-السلام: تساهم الحرية في تحقيق السلام، حيث تسمح للأفراد بالتفاعل مع بعضهم البعض دون خوف من الاضطهاد أو القمع.

4-التقدم الاقتصادي: تساهم الحرية في التقدم الاقتصادي، حيث تسمح للأفراد بالإبداع والابتكار والمخاطرة.

تحديات الحرية:

تواجه الحرية العديد من التحديات، منها:

1-الأنظمة الاستبدادية: حيث يمكن للحكومات الاستبدادية أن تقيد الحرية، من خلال القمع السياسي وانتهاك حقوق الإنسان

2-الظلم الاجتماعي والاقتصادي: حيث يؤدي الظلم الاجتماعي إلى تقييد الحرية، حيث يحرم بعض الناس من الفرص والحقوق الأساسية الذي يحرم العديد من الناس من فرص ممارسة حرياتهم.

3-الضغوط الاجتماعية: حيث يمكن للضغوط الاجتماعية أن تقيد الحرية، من خلال العادات والتقاليد التي تفرض على الناس التصرف بطريقة معينة

4-التعصب والتطرف: الذي يمكن أن يؤدي إلى انتهاكات الحريات

في الختام، الحرية هي حق أساسي لكل إنسان، وهي ضرورية للعيش حياة كريمة، ويجب علينا جميعاً أن نكافح من أجل حماية الحريات وتعزيزها في جميع أنحاء العالم، لان موضوع الحرية موضوعًا معقدًا وغنيًا بالأفكار، كما إن مستقبل الحرية غير مؤكد، كون هناك العديد من العوامل التي تشير إلى استمرار الصراع من أجل الحرية في جميع أنحاء العالم، فهناك العديد من الشعوب والمجتمعات التي لا تزال تعاني من الحرمان من الحرية، والعوامل التي تهدد الحريات ما تزال قائمةً مثل الاستبداد السياسي والقمع الديني والحرب والنزاعات،وها نحن في شمال شرق سوريا نسير بخطى ثابتةً على نهج وفلسفة القائد عبدالله اوجلان التي تؤكد على أهمية الحرية وتعزيزها في المجتمعات حتى تنعم تلك المجتمعات بالديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.