رحلة المرأة من العبودية الى الحرية _ مالفا جولي
رحلة المرأة من العبودية الى الحرية
- خصوصية المرأة وطريقة تفكيرها:
طريقة تفكير المرأة تختلف عن طريقة تفكير الرجل. ويفسر العلماء ذلك بأن الغالبية العظمى من تفكير الرجل تجري على الجانب الأيسر من الدماغ، بينما غالبية تفكير المرأة تتم على الجانب الأيمن من الدماغ. وبحسب الدراسات العلمية يتميز تفكير المرأة بالقابلية للتغير والقدرة على قراءة العقل لما يتمتع به الحدس القوي. فمنذ العصور القديمة وهي تستخدم الحدس عند التفكير فمثلا تتمكن من إستنتاج لماذا يصرخ الرضيع، إذا كان يحتاج الغذاء ام الى الحنان. وبأستمرار تسجل النساء معدلات أعلى من الرجال في الإختبارات التي تتطلب فيها قراءة الإشارات غير اللفظية. فالنساء لديهن القدرة على قراءة الرسائل غير المعلن عنها في ملامح الوجه والمواقف، ونبرات الصوت. وغالبا ما تسخدم النساء الحدس في معظم تفكيرها. وقد تتجه المرأة الى المجازفة بشكل كبير على المستوى الاجتماعي ويعود ذلك الى حساسيتها الاجتماعية القوية (sensitivity social)، وقدرتها على التعامل مع الغموض الاجتماعي. كما أن المرأة تميل الى التصرف بطريقة تتجنب فيه إيذاء مشاعر الآخرين. لذالك فأنها تستند على عواطفها ومشاعرها قبل اتخاذها للقرارات. المرأة كائن حساس ورقيق تبحث عن أدق الأمور والتفاصيل. كذلك المرأة ترغب في أن تجد الطمأنية والسكينة والأمان في رفيق دربها كما تحتاج الى الاهتمام والرعاية. فالتغيرات الهرمونية والجسدية التي تواجه المرأة طوال حياتها وخصوصا أثناء وبعد الحمل تزيد من غلبة التفكير العاطفي عليها وذلك ناتج لمسار الأم بصفة عامة، لأن لديها قدرة كبيرة على تقديم الدعم العاطفي.
- المرأة والمجتمع الطبيعي:
نُطقت كلمة المرأة والحياة في ذاكرة المجتمع قبل مئات السنين ففي اللغة الكردية jin û jiyan وفي اللغة الفارسية زن زندكي وباللغة السومرية نيتاتي وغيرها الكثير من اللغات. إلا إن المفهوم نفسه لا يتغير. فلماذا إشتبهت خصائص المرأة والطبيعة والمرأة والحياة مع بعضها البعض؟ ففي المعتقدات القديمة كل ما يضمن استمرارية الحياة يتم تشبيهها بالأم، ليس فقط الاشياء الطبيعية بل الاجتماعية أيضا، اذ ترمز للحياة الطبيعية والاجتماعية وتتجسد كلها في جسد المرأة. إن دخول الأم في عمل إدارة الجماعات البشرية سيقودها إلى الألوهية. سمات الإله هي الحماية والتنظيم وإعطاء الإرادة وقيادتها؛ هكذا يقول القائد آبو عن عصر قيادة الأم وعصر الآلهة بأنها:” الهوية الأيديولوجية للمجتمع الطبيعي”. وقد أعتبر المفكرون في بداية العصر الحديث أن العلم هو الوسيلة لتحرير المرأة من قيود المادة، فالمرأة فوق كل اعتبار، ولا يقتصر وجودها كجسد بل كروح أيضاً، وكمكون أساسي في المجتمع وشريك حقيقي لبناء الإنسان الحر، ولذلك تتخذ المرأة الحرة العلم والثقافة الاخلاقية للمجتمع طريقاً من طرق تحررها العقلي والجسدي من قيود المجتمعية المخلوقة على يد السلطات عبر التاريخ والمترسخة في عقل المجتمع. وسبيلاً لاتحادها مع الطبيعة التي هي جزء مهم منها. ويشكل فيما بعد الأساس الذي يؤكد صدق الانتماء والاعتزاز بالحرية.
- المرأة والأسرة:
إن التنظيم من إهم الأمور داخل الأسرة حتى تكون أسرة متكاملة ومتكافئة الى حد كبير. إن المرأة إلى جانب الرجل مسؤولة عن توفير هذا النظام الذي يأخذ أسرتها نحو الأمان والاستقرار.
وللمرأة أدوار عديدة ومهمة فهي التي توزع الواجبات والمهات بين افراد أسرتها بما يتناسب مع مصالحم وقدراتهم. من الناحية المعنوية والحسية والفكرية، هي التي تقف الى جانب اسرتها في الأزمات وتشاركهم نجاحاتهم. وأما بصفتها كأم فأكبر المسؤوليات التي تقع على عاتقها هي تربية الأطفال وفق أخلاق المجتمع وتعليمهم قيم الحياة مثل الأمانة وضبط النفس والوفاء واحترام الآخرين والإعتماد على الذات. وتقوم بصقل مهاراتهم وتنمية قدراتهم وكفاءاتهم. ثم إنها المسؤولة عن تطبيق اقصى قدر من الإنضباط داخل المنزل. ليخرجوا الى الحياة مسلحيين إيجابيين قادرين على تحمل المسؤولية.
- المرأة في ظل قيام دولة سومر:
كما هو معلوم من خلال الدراسات والبحوث الاركيولوجية المعرفة للحقبة الزمنية لقيام نظام سومر، إن المرأة لم تحظى بأي مكانة اجتماعية مرموقة في ذاك النظام. وذلك يعود لعدة أسباب وأولها أنه نظام أبوي يعتمد على الجنس الذكري فقط. ثانيها أنه نظام قائم على فائض الانتاج. ثالثها هو نظام مخترع للميثولوجيا الثنائية والتي تضع الانسان في حيرة من أمره فيما تبقى له من حياة. رابعها هو نظام يعتمد العبودية والسلطة والفكر المركزي ولا يقبل التعدد والكثرة واللامركزية.
عاش المجتمع البشري في بلاد ما بين النهرين أقسى مراحل العذاب في ظل قيام النظام السومري. وتحكم الرهبان في الحياة المعنوية للمجتمع وجعله خادماً للإله الذي اخترعه. وهذه كانت ضربة قوية في صميم كيان المجتمع بشكل عام وفي صميم قيادة المرأة بشكل خاص. عانت المرأة الويلات في ظل هذا النظام المستبد الذي أبعدها عن كل مناحي الحياة وجعلها عبدة رخيصة في بيوت الدعارة الذي أنشأها هذا النظام. وبعد المرحلة التي كان فيها الرهبان من يحكمون المجتمع. ظهرت مرحلة جديدة في حياة المجتمع وهي التي كانت كفيلة بإبعاده عن مجتمعيته وحقيقته. وهي مرحلة الملك الإله الذي قام بتنصيب نفسه ملكاً وإلهً وحتى أنه قام بإستبعاد الرهبان عن الحكم. وقد قال بأنني أنا الراهب والإله والملك. وفي ظل هذه الانتهاكات القبيحة بحق المجتمع ساد الفكر السلطوي الابوي في المجتمع واستعبدت المرأة في المنزل وأُخذ منها كامل حقوقها وجعلوا منها مجرد خادمة للمنزل والسلطة الحاكمة.
- الحركة النسوية في العالم (ألفامينية):
هو سرد زمني للحركات الأيديولوجية الذي يعود الى القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، التي تهدف الى الحقوق المتسواية للمرأة مع الرجل. وقد إختلفوا في الأسباب والأهداف إعتمادا على الوقت والتاريخ ألا إن النوايا والمضمون تهدف الى اسقلالية المرأة في جميع إنحاء العالم. يتم تعريف (الفامينية) بشكل عام بمجموعة من النشاطات والفعاليات المختلفة التي تهتم بشؤون المرأة على وجه الخصوص وتهدف للمساواة في الحقوق وفرص الحياة المتعادلة بين الرجل والمرأة. خاضت الفيلسوفة والكاتبة والأديبة كريستين دي بيزان صراعًا لا هوادة فيه ضد عدو النساء في العصور الوسطى. وتم إعدام أوليمب دي غوج، التي أُدينت بسبب كتابها لكتاب حقوق المرأة والمواطنة، شنقًا في نوفمبر1793. تحولت حركة سوفرجت البريطانية بقيادة إيميلين بانكهرست وبناتها للحصول على حق التصويت، إلى نضال الأخوات ميرابل ضد جمهورية الدومينيكان؛ يمكن ملاحظة أن النساء أظهرن شجاعة كبيرة ضد التعصب الجنسي المفروض عليهن. ففي نهاية أعوام الثمانيات قام القائد أبو من خلال كتب وتقارير بتسليط الضوء على حقيقة هذا النظام. تم تحرير المرأة وأقسمت على النضال المستمر في كردستان، من خلال تحويل نضالها الى نضال فكري. وأن أيقونة المرأه المناضلة ساكينة جانسيز التي قد تم اغتيالها مع رفيقتيها ليلى وفيدان، في باريس رميا بالرصاص، زماهذه إلا نتيجة لتخوف النظام السلطوي من هيبة المرأة وقيادتها الحكيمة للمجتمع. إن قوى النظام السلطوي الذكوري تشن هجمات وحشية، ضد النساء والنساء يعلمن هذا جيدا، النساء اللواتي يسرن على طريق ساكينة وفيدان وليلى من الضروري معرفة التعصب الجنسي المفروض على النساء في شكل دفاع السلطة عن وجودها. لأنه مع فقدان سيادة الإلهة الأم، اختفى وجود المعنى أيضاً، وانقطعت علاقتها بالمجتمع والطبيعة وأصبحت غريبة حتى عن نفسها. من خلال الجمع بين الوجود والمعرفة، يمكنها مرة أخرى استعادة هويتها. من خلال إدراكها لقوتها الذاتية، يمُكنها أن تصل إلى معرفة مدى طاقة المرأة في تغيير وإدارة المجتمع نحو الديمقراطية والحرية.
- المرأة وأخلاق والجمال:
هو أمر ليس محصورا كما يتصوره الناس في الجانب الحسي فقط. بل يتعداه الكوامن النفسية وخبايا الروح، فالجمال نوعان الجمال الظاهري، والجمال الباطني، وما أن اجتمع النوعان معا الا أن أصبح الإنسان في ذروة الجمال ومما لا شك فيه أن الجمال الظاهري بهجة للعين ومتعة للنفس. لأن الجمال الباطني يطغي بكل مقوماته على الجمال الظاهري، لأنه معدن نفيس لا يتغير ولا يفنى بمرور الوقت. وإن إظهار الحقائق والتوعية المجتمعية بإنه تشويه صورة المرأة وحصر تفكير جمالها بجسدها لتصبح المرأة بعيدة عن جوهرها لإن الجمال الحقيقي هو جمال الأخلاق والفكر الحر، إلى جانب المظهر الخارجي. ومما لا شك فيه إن عدم أمتلاك الشخص للوعي الأخلاقي لا يجعله جميلاً. بوجود الأخلاق والحرية والوعي والمعرفة الاجتماعية ليس هناك أي داعً لفرض القوانين. إن تعريفات الجمال والجمالية الأخلاقية قد تشوهت من قبل الأنظمة السائدة والرأسمالية وجعلت الجمال مرهونً بمساحيق التجميل، وهي الثقافة التي بنتها الرأسمالية لنفسها كي تستمر في الوجود. المناضلة ساكينة جانسيز كانت تقول (يمكن للمرأة أن تكون واثقة من نفسها، فإذا ركزت على الحرية، فلا يوجد شيء لا يمكن أن تحققه)
علم الجنولوجيا هو علم الجمال مبني على جمال روح وفكر المرأة الحرة. ويشكل فيما بعد الأساس الذي يؤكد صدق الانتماء والاعتزاز بالحرية وتكمن فلسفتها في العيش حياة صحيحة، ولها قيمة للمرأة الواعية التي تسعى إلى التقدم والتطور.
- كل أنسان لدية (ذكر-أنثى) لديهنصف أنثوي:
محاولة البحث في الأساس العلمي لفكرتي الروحين: المذكرة والمؤنثة هو موضوع للبحث في سياق الفروق بين الجنسين في علم النفس؛ وهو يتجاوز الحركة النسوية والمساواة بين المرأة والرجل لإلغاء الفوارق النوعية في المعرفة بين الجنسين. وكذلك فهو يتجاوز النسوية الجديدة (نسوية ما بعد الحداثة) التي تميزت بنقد الانفراد العقلاني للذكر ورفض مركزيته التي جاءت تتمة للنزعة المركزية الأوروبية، كما تتجاوز الجنوسة (Gender) أو النوع الجنسي الذي لا يعني الفوارق الجنسية البيولوجية فحسب، بل يضيف إليها مجمل الأوضاع والخبرات والأدوار الاجتماعية التي تجعل الرجل رجلا والمرأة امرأة.
على هذا الأساس من التمايز نشأت في الغرب نزعة فلسفية دُعيت بفلسفة العلم الأنثوية تحاول أن تبرز القيمة الأنثوية في المعرفة. تعرّف موسوعة جامعة ستانفورد الإبستمولوجية. فهي تعين هوية الطرق التي تسيطر على الإدراك والاستحواذ على المعرفة وميزة الضبط الأنثوي المنتظمية (Systematically) والسعي لتحديث تلك الإدراكات والممارسات وهذا التوجه الإبستمولوجي. أيضاً إلى البرهنة على أن المتغيرات المعرفية وفقاً للنوع الجنسي ليست مجرد ميزة إجتماعية. لذا فإن المركز الاجتماعي للعارف يؤثر بماذا وكيف يعرف، حيث أن المواقع الاجتماعية الفردية تتألف من الهوية الاجتماعية المنسوبة للعارف من حيث (الجنس والسلالة والتوجيه الجنسي والعرق والطائفة ووضعيات القرابة …الخ.)، كما تتألف من العلاقات (كالمهنة وعضوية الحزب السياسي …) مما يمنح قدرات متأتية عن أدوار اجتماعية مختلفة وواجبات وأهداف لأدوار معطاة. ومصالح العلم من منظور الفلسفة الأنثوية عند شيفرد يقوم على أساس النظر إلى الجوانب التي يثريها النصف الأيمن من المخ في المعرفة العلمية من حيث تجاوز التراتبية الهرمية الأحادية الجانب أو الرؤية، وصولاً إلى رؤية التنوع بجماليته ومنافعه وهنا يمكن للرجال إذاً أن يدركوا المقصود هنا الجانب الأنثوي Anima في كلٍ من الرجل والأنثى معاً، وهو أنثوي لغة ومصطلحاً لأنه أكثر بروزاً لدى الأنثى منه لدى الرجل، وعند عدم توافره في الأنثى غير النمطية فإننا نكون هنا إزاء امرأة لا تستخدم الجانب الأنثوي من عقلها، أي الأنثوية المعرفية لديها، بل تغلّب الجانب الأخر أي الذكري منه..
إن اعتبارات الاختلاف بين الرجال والنساء قائمة بالفعل، حسب شيفرد، الأنماط السلوكية القياسية للذكور والإناث قد تحددت بيولوجياً. تلك هي المناظرة الطبيعية بوصفها شيئاً مؤنثاً وأسماها “الأم” بينما تحدث عن السماوات والشمس بوصفها المحدث (الأب).
وهو نفسه الموقف الذي يكتشفه باشلار في كتابه “تكوين العقل العلمي” الأخيرة من السيمياء تبزغ فيها التقابلات “الذكرية والأنثوية” وتندمج معاً لتخلق شيئاً جديداً وفائقاً ما يعني أن تكامل الجانبين الذكري والأنثوي في المعرفة هو الذي يولد الحالة الجديدة؛ وكأنها تقارب هنا لحظة الجمع بين التموجية والجسيمية في الضوء، وهو ما يراه غاستون باشلار أحد نماذج القطيعة الإبستمولوجية التي تجمع المتناقضات الذكرية والأنثوية.