المرأة والقانون_آرين محمد
المرأة والقانون
في كل مقالة، أبدأ عادةً بتعريف الموضوع، لكنني أؤمن بأن بعض الأشياء المقدسة لا يمكن تعريفها بدقة. والمرأة واحدة من تلك المقدسات التي يصعب وضع تعريف قاطع لها. لم يخلُ أي مجال من الفلسفة، العلم، الفكر، الدين، أو حتى السياسة من محاولات لفهم المرأة، ومع ذلك، لم يُدوَّن تاريخ عبوديتها أو تاريخ حريتها بشكل شامل.
في العصور القديمة، لعبت المرأة دورًا محوريًا في تشكيل المجتمعات. فقد طورت الإلهة الأم النسيج الاجتماعي من حولها، حيث كانت تتحمل مسؤوليات الاقتصاد، تربية الأطفال، الطب، وحتى الزراعة. وشهد المجتمع الطبيعي، ما بين ٤٠٠٠ إلى ١٠٠٠٠ سنة قبل الميلاد، في ظل الثقافة الآرية التي كانت تقودها المرأة، تطورًا ملحوظًا في الأدوات التقنية والحياة اليومية.
لكن مع ظهور الثقافة الأبوية، تراجعت مكانة المرأة تدريجيًا، وبدأت تفقد حقوقها شيئًا فشيئًا. فأصبحت، بعد أن كانت الركيزة الأساسية في بناء المجتمع، خاضعة لسلطة الرجل. ومع نشوء الدولة والقوانين الرسمية، تم ترسيخ هذا التهميش بشكل ممنهج، مما أدى إلى حرمان المرأة من حقوقها الأساسية.
وفي العديد من البلدان، ظلت المرأة تعاني من التمييز، سواء تحت غطاء الدين أو الأعراف الاجتماعية. ففي بعض الدول، لم يُسمح لها بالتصويت، أو المشاركة في المناصب السياسية، فقط لأنها امرأة. ومع ذلك، ومع مرور الزمن وخوض المرأة صراعًا طويلًا ضد الأنظمة القمعية، نجحت في انتزاع بعض الحقوق التي كُرّست في الدساتير والاتفاقيات الدولية.
ورغم هذه الإنجازات، لا تزال المرأة تواجه التمييز في العديد من المجتمعات، حيث يُنظر إليها بازدراء، ويُقلَّص دورها في مختلف مجالات الحياة. وما زال الطريق طويلًا نحو تحقيق المساواة الكاملة والاعتراف بدورها الجوهري في بناء الحضارة الإنسانية.
الإعلان العالمي لحقوق المرأة والمواطنة:
اليوم، في كل مجتمع، توجد قواعد مكتوبة وأخرى غير مكتوبة. هذه القواعد تنظم حياة الإنسان بشكل كامل. بسبب انتهاك حقوق المرأة، تم إصدار الإعلان العالمي لحقوق المرأة والمواطنة في عام 1791 من قبل الكاتبة الفرنسية أوليمب دي غوج. جاء هذا الإعلان ردًا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي لم يتطرق إلى حقوق المرأة. دعت أوليمب في هذا الإعلان إلى المساواة بين الجنسين، ومنح المرأة حقوقها من الناحيتين السياسية والاجتماعية. وقد أصبح هذا الإعلان أساسًا لإعمال حقوق المرأة وتحقيق المساواة في الحياة في مختلف أنحاء العالم.
ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا:
وفي سوريا، كما هو الحال في جميع البلدان، حُرمت المرأة من حقوقها. تتعرض المرأة يوميًا للإساءة والظلم والقتل والعديد من الجرائم الأخرى. بل وصل الأمر إلى حد أنه أصبح من الطبيعي أن تُقتل النساء لأسباب تتعلق بالشرف. ورغم أن الحق في الحياة هو أقدس الحقوق، إلا أن هذا الحق لم يُؤخذ بعين الاعتبار عندما يتعلق الأمر بالمرأة. ولم يكن القاتل وحده يرى ذلك أمرًا طبيعيًا، بل أصبح ذلك أمرًا طبيعيًا في نظر المجتمع بأسره، حيث يفتخرون بالقاتل. ليس هذا فحسب، فحقوق المرأة لم تكن حتى في المجالات السياسية. كان يُنظر إلى المرأة على أنها شخص معتوه. بعد الثورة، أصبحت حقوق المرأة مضمونة في مناطق شمال وشرق سوريا. ففكرة حياة المرأة هناك مبنية على الحرية. وتظهر المساواة المشتركة بين الجنسين. كما يتم الأخذ بنظام القيادة المشتركة في كافة المؤسسات في المجالات العسكرية، والسياسية، والاجتماعية وغيرها، حيث تأخذ مكانها بجانب الرجل. حتى تم بناء قرية مخصصة للنساء. وتم هذا بشكل أوسع بعد إبرام العقد الاجتماعي في شمال وشرق سوريا. ولكي نفهم أكثر حريات المرأة في هذه الاتفاقية، علينا أن نوضح بعض بنودها. هذه الاتفاقية تهدف إلى حل مشكلة المرأة، فحل مشكلة المرأة يعني حل المشكلة الاجتماعية أيضًا. ومن الواضح جدًا في مواد هذه الاتفاقية أن “حقوق المرأة وحريتها والمساواة بين الجنسين مكفولة”. وتعتمد المرأة على العلاقات الحرة في أسرة ديمقراطية ولها إرادتها الحرة. تضمن حقوق المرأة وحريتها، والمساواة بين الجنسين على أساس التعايش الحر. المرأة الحرة تعزز المجتمع الحر، لأن المرأة ليست نصف المجتمع فحسب، بل هي مؤسسة المجتمع أيضًا. لبناء مجتمع عادل وحر ومتساوٍ، يجب علينا قبل كل شيء ضمان حقوق المرأة وحرياتها.